أهم الأخبارالأخبارحقوق الإنسان

الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: الجزائر أمام انجراف استبدادي غير مسبوق

بعد أيام قليلة، إثر تنظيم انتخابات تشريعية منبوذة من قبل غالبية واسعة من الشعب الجزائري، مؤكدا رفض خارطة الطريق السياسية للسلطة وفشل النهج الأمني ​​الشمولي الذي اتسم بتصعيد غير مسبوق للقمع والتضييق على الحريات. تستمر الحملة التي تستهدف جميع الأصوات المعارضة للحراك السلمي المؤيد للديمقراطية، ضد المعارضة الديمقراطية والمجتمع المدني، والأسوأ من ذلك، أنها تأخذ نطاقًا مقلقًا يهدد كل يوم المكاسب الديمقراطية وحقوق الإنسان المنتزعة من النضالات الشرسة والتي تتجسد داخليا في الضمانات والقانون الوطني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجزائر.

لم نشهد أبدا في الحراك الذي فتح صفحة جديدة في تاريخ الجزائر مثل هذا الانجراف الاستبدادي، مدفوعا برغبة واضحة في إنهاء الحراك، أكثر من ذلك الثأر منه وبه دفن بشكل نهائي آمال الشعب الجزائري لبناء دولة القانون الديمقراطية، الاجتماعية في ضل التنوع والعيش معا بسلام وفاءا لوعد شهداء حرب التحرير الوطني.

منذ عودة الحراك في فبراير 2021 بعد عام من الهدنة الصحية المرتبطة بـ COVID19 ، أصبح القمع هو الخبر الوحيد الذي يتسم يوميات المواطن الجزائري، حيث تم توقيف ما يقرب من 6400 على مستوى البلاد ، منذ هذه العودة بما في ذلك 2000 اعتقال في غضون أسبوعين ، وصلت قائمة المعتقلين لـ لأول مرة في الحراك 300 سجين رأي ، بمن فيهم الصحفي رباح كارش ، ومحامي أرسلان عبد الرؤوف ، ونساء وطلاب وأكاديميين ونشطاء أحزاب سياسية معارضة ، كل الحساسيات مجتمعة ، بما في ذلك وحيد بن حالة ، قيادي من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين MDS والفاعلين الجمعاويين بمن فيهم ناصر مغنين رئيس من جمعية SOS باب الواد ، بعض المعتقلين محكوم عليهم بأحكام قاسية بغرامات باهظة ، والبعض الآخر رهن الحبس الاحتياطي دون جلسة استماع ودون محاكمة لعدة أشهر ، والبعض يحاكم بتهم خطيرة ويواجه عقوبات قصوي و قاسية ، قائمة المعتقلين تستمر في ازدياد كل يوم.

استهدفت الاعتقالات والقمع بشكل عشوائي جميع الأصوات المعارضة، وعشرات المتهمين محتجزون لدى الشرطة، وبعضهم لعدة أيام، وأصبح الاستخدام التعسفي للاحتجاز والوقف تحت النظر للمحاكمة واحتجاز النشطاء السلميين هو القاعدة بينما كان ليكون الاستثناء.

العديد من النشطاء الآخرين يجدون أنفسهم تحت الرقابة القضائية محرومين من حقوقهم السياسية، من بين الوجوه البارزة في الحراك مثل كريم طابو والصحفيين القاضي إحسان وسعيد بودور.

لإعطاء غطاء قانوني لهذا الانجراف الاستبدادي، تم وضع ترسانة قانونية للحد من الحرية وبهدف َمحاصرة الحراك السلمي وتجريم العمل السياسي والمعارضة بصفة عامة، تم تعديل قانون العقوبات عدة مرات في اتجاه تشديد العقوبات، أيضا لقد قامت السلطات بتصنيف رشاد و الماك حركات سلمية لحد الآن، على أنها منظمات إرهابية، بينما الحراك بسلميته، استخلاصا لدروس الماضي الأليم، اتخذ خيارًا حاسمًا لإغلاق صوت العنف والإرهاب بشكل نهائي، بعد ما عانه في خلال الشرعية السوداء.

في نفس السياق، تم تعديل المادة 87 مكررًا في قانون العقوبات التي تنص على اعتبار الحقوق السياسية في التعبير والرأي أعمالًا إرهابية متبوعة بعقوبات شديدة.

هذه النصوص الجديدة تشكل تهديدًا للحريات وخطرًا على حقوق الإنسان، مع هذه الأحكام الجديدة، لا يوجد ناشط معارض محصن ضد التعسف، لدرجة أنه يفتح الطريق أمام كل التأويلات والتعسفات، يدفع ثمنها النشطاء السلميين، العديد منهم هم رهن الحبس الاحتياطي تحت طائلة هذا القانون الذي يندرج ضمن ترسانة محاربة الإرهاب.

تتعرض الأحزاب والجمعيات من المجتمع المدني للتهديد، المضايقات وحملات الشيطنة عبر وسائل الإعلام بما في ذلك التلفزيون الوطني الرسمي ، عدة منظمات مهددة بالحل ، على سبيل المثال فقط الأحزاب السياسية PST ، UCP ، MDS ، PT ، RCD و جمعيات راج و SOS باب الواد ، تم استهداف العديد من المنظمات خاصة تلك التي تعمل على التضامن مع السجناء وعائلاتهم ، تم أيضا استهداف العديد من نشطاء CNLD ولجان مناهضة القمع و التعذيب ، وفي عملية تجريم العمل السياسي و المعارضة الديمقراطية ، تم حظر و قمع العديد من الاجتماعات العامة و المسيرات السلمية الأسبوعية للطلاب والحراك، تميزت في بعض الأحيان باستعمال عنف غير مبرر ضد نشطاء سلميون.

تم تقديم بعض مزاعم التعذيب من قبل المعتقلين أثناء احتجازهم لدى مراكز الأمن، على الرغم من الشكاوى التي قدمها المشتكون والدعوات المستمرة من الرابطة لفتح تحقيقات محايدة، لم يتم اتخاذ أي إجراء في هاته الملفات منذ عام الآن.

تتضاعف الاعتقالات هذه الأيام في منطقة القبائل بولايتي تيزي وزو وبجاية، والتي تظل في طليعة الكفاح الوطني من أجل الديمقراطية في الجزائر المرتبط بالحراك الوطني على الرغم من كل المناورات التي دبرتها بعض الدوائر بهدف عزلها، إخضاعها وبذلك خنق الحراك، فهذا القمع يستهدف الناشطين المحليين من مختلف الآفاق السياسية والحركات الثقافية.

سجل كارثي يتناقض بوضوح مع وعود الرئيس تبون “الجزائر الجديدة” بالتغيير والحريات والقطيعة مع النظام القديم الذي مقته الشعب، للأسف كشف نفس السجل عن جزائر في تردي واسع تحي في نفوس الجزائريات والجزائريين. الشعور باليأس الحڨرة، نفس الشعور الذي جعل الشعب يخرج إلى الشوارع في فبراير 2019 للمطالبة بالتغيير.

إن الوضع مقلق للغاية

ومن هنا جاءت دعوتنا العاجلة التي نكررها مرة أخرى للسّلطات السياسية للتخلي عن خارطة الطريق التي تشكل تهديدًا مؤكدًا على حاضر ومستقبل البلاد.

وبهذه المناسبة ندعو مجددا السلطات السياسية والقضائية إلى التوقف الفوري عن القمع واحترام حقوق الإنسان والالتزامات الدولية للجزائر في مجال حقوق الإنسان الواردة في الاتفاقيات الدولية المصادق عليها.

بالإضافة إلى ذلك ، تجدد الرابطة ، مطالبتها ب:

– فتح مسار سياسي ديمقراطي جديد سلمي وتفاوضي مع المعارضة و الحراك نحو حل سياسي عادل مستدام.

– الإفراج عن جميع معتقلي الرأي ، وتبرئة جميع النشطاء السلميين و مغادرة جميع التهم الموجهة إليهم ،

– فتح المجالات السياسية والنقابية والإعلامية و احترام الحريات الديمقراطية ، التي هي حجر الزاوية في أي ديمقراطية .

كما تدعو الرابطة المواطنات و المواطنين إلى البقاء ضمن أطر سلمية، ديمقراطية وموحدة و موحدة، فالسبيل الوحيد للخلاص يؤدي إلى انتصار القانون والعدالة، وحماية الوطن والدولة من كل الانزلاقات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى