عجّت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم بخبر وفاة حائزة على شهادة الدكتورة في علم البيولوجيا بجامعة السوربون بباريس من شدة البرد بأحد شوارع مدينة عنابة، إذ أنها لا تملك سكن يأويها فتحولت إلى فئة “بدون مأوى”.
وبين مترحم عليها داع الرحمان إلى أن يتغمدها الله برحمته التي وسعت كل شيء ويسكنها فسيح جناته، وبين ناقم من الدور السيء لجمعيات المجتمع المدني لعنابة والهلال الأحمر الجزائري ووزارة التضامن ككل في مثل هذه الظروف الجوية التي تصل فيها درجات الحرارة في الليل إلى ما دون الصفر، متسائلين عن غيابهم وتهاونهم في حماية حياة المواطن في هذا الفصل، وهم يتلهمون سنويا الملايير من المساعدات التي تخصصها الدولة لهم لمساعدة هذه الفئة من المجتمع.
وبمجرد أن ظهرت أولى صورها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي طليقة في الشارع جثة هامدة، بعد أن قضى عليها البرد القارص ليلة البارحة، إلا وأسيل الكثير من الحبر عليها وبالأخص حول مسارها العلمي.
وبحسب ما ذكر الصحافي مصطفى بن جامع في تحقيقه حول صحة ما يقال عنها، فقال انه في البداية انتابه شك حول كل ما يقال هنا وهناك من أن يكون محض إفتراء، من أنها “متحصلة على شهادة الدكتورة من جامعة السوربون العريقة بفرنسا في تخصص البيولوجيا وأنها عملت لعدة مخابر بحث كبيرة”، كون أن اسمها لم “يقترن بأي مقال علمي أو بحث منشور في أي مجلة علمية كبيرة”، وهذا ما يمكن “التأكد منه من مجرد كتابة اسمها على محرك البحث العالمي غوغل”.
كما أشار بن جامع، الذي يشتغل كرئيس تحرير جريدة البوفونسيال، التي يقع مقرها بمدينة عنابة، أن تواصله مع أساتذة كلية البيولوجيا لجماعة عنابة، لم يفضي في تحقيقه إلى شيء كون أن ولا أحد منهم يعرف الدكتورة بورسالي رغم أن الإشاعات تقول انها درست هناك. وهذا مما زاد قناعاته بأن كل شيء مجرد إشاعات عن الراحلة، ولو أن الحق في الحياة متساوي لكل البشر، سواء كان متحصل على درجة الدكتورة أو لم يدرس بتاتا.
ولكن تحقيق الصحافي لم يتوقف هنا. فقد دعمه بالتواصل شخصيا مع رئيس جامعة عنابة الذي قدم له معطيات فارقة لتحقيقه حول السيرة العلمية للراحلة فلة بورسالي، من خلال ما هو موجود في أرشيف الجامعة.
فحسب رئيس الجامعة إن فلة بورسالي حازت على شهادة جامعية في تخصص البيو كيمياء قبل أن تتحصل على منحة من الدولة لإكمال دراساتها العليا بفرنسا. وكانت بالتوازي قد قدمت دروس تطبيقية في تخصصها لطلاب كلية تخصصها بالجامعة.
ولكن عام 1988 شاء المكتوب أن يتغير قدر السيدة بورسالي بعد أن “فقدت زوجها وابنها الوحيد” أن تعود إلى أرض الوطن، ولأن حالتها النفسية لم تسعفها أن تستمر في التدريس بالجامعة، ومع الوقت تأزمت حالتها أكثر وأكثر قبل أن تفقد عقلها كلياً.